من كل مجموعة فيروس
الهربس التي تم وصفها للآن فإن الفيروس المضخم للخلايا يسبب أكثر حالات الاعتلالات والوفيات, وبالرغم من أن العدوى الأولية بهذا الفيروس بصفة عامة لا تسبب أعراض عند البالغين الأصحاء فإن مجموعات متعددة تكون معرضة للخطر وتشمل الذين تثبط مناعتهم من متلقي زراعة الأعضاء immunocompromised organ transplant recipients, والأشخاص المصابين بعدوى
فيروس نقص المناعة المكتسب (الإيدز) يكون لديهم خطر الإصابة بمرض عدوى الفيروس المضخم للخلايا الذي يهدد حياتهم وبصرهم, وبالإضافة إلى ذلك فإن عدوى الفيروس المضخم للخلايا ظهر في السنوات الأخيرة كأهم سبب للعدوى الخلقية congenital infection في الدول المتقدمة, ويؤدى إلى التخلف العقلي mental retardation, وإعاقة النمو.
في سنة 1904 حدد ريبرت Ribbert أول دليل نسيجي مرضي histopathological evidence للفيروس المضخم للخلايا, وقد فسر وجود أجسام ضمنية بالخلايا المأخوذة للفحص من عينة لجثة بالخطأ, وأرجع وجودها إلى طفيل وحيد الخلية, وفي سنة 1920 صحح جودباستير Goodpasture الخطأ, وأرجع وجود الأجسام الضمنية إلى سبب فيروسي, وقد استخدم تعبير تضخم الخلية cytomegalia للإشارة إلى الخلايا المتضخمة والمنتفخة التي حدث لها عدوى وقد تم عزل الفيروس لأول مرة في مزرعة نسيجية سنة 1956, وميل ونزوع الفيروس لإصابة الغدد اللعابية بالعدوى أدت إلى الوصف الأولى له كفيروس يصيب الغدد اللعابية, وفى سنة 1960 أظهر ويلر Weller بوضوح الفيروس المضخم للخلايا, وفى سنة 1970 وسنة 1980 زادت المعلومات وثبتت عن الفيروس المضخم للخلايا كمسبب هام للمرض بأعراض متعددة الأشكال, ومع التقدم الكبير في علم الأحياء الجزيئي, وعلم المناعة, والعلاج الفيروسي الذي يستهدف الفيروس المضخم للخلايا, يظل العمل لابتكار إستراتيجيات لمنع العدوى بالفيروس المضخم للخلايا وفهم دور عوامل وراثية معينة في تولد المرض, علاوة على ذلك فإن تطوير لقاح ضد هذا الفيروس هو أولوية رئيسية للصحة العامة.
تولد المرض
صورة فحص مجهري للخلايا أحادية النواه لكرات الدم البيضاء لمريض عدوى مزدوجة بالإيدز و الفيروس المضخم للخلايا
الفيروس المضخم للخلايا هو واحد من 8 فيروسات للهربس تسبب العدوى للإنسان, ومن ناحية التصنيف فهو يوضع ضمن مجموعة فيروس الهربس بطيئة التكاثر Betaherpesvirinae, وذلك على أساس انه لديه نزوع وميل لإصابة خلايا الدم البيضاء وحيدة النواة mononuclear cells, والخلايا اللمفاوية lymphocytes ولعلاقته بالتطور الجزيئي لفيروسات الهربس الأخرى, وهو أكبر عضو في عائلة الهربس, وهو ثنائي شريط الحامض النووي double-stranded DNA المكون للمنظومة الوراثية, وهو قادر على تشفير أكثر من 200 بروتين, ووظيفة هذه البروتينات مازالت غير معروفة, ومثل بقية فيروسات الهربس فإن بنية جزيء الفيروس هو محفظة عشرينية الوجوه icosahedral capsid محاط بغلاف خارجي من طبقة دهنية مزدوجة. وفهم تنسخ وتكرار الفيروس viral replication يعطى تبصر وفهم عميق للآلية الجزيئية لعلاج الفيروسات والمناعة الوقائية.
والفيروس المضخم للخلايا يتكرر (أو يتكاثر) ببطء جدا في مزرعة الخلايا وهذا يعكس نمط نموه البطيء داخل الجسم (على خلاف عدوى العقبول البسيط herpes simplex virus [HSV] infection التي تتقدم بسرعة), ودورة التكرار يمكن تقسيمها إلى 3 أصناف منظمة وهي: مبكر فوري immediate early, ومبكر early, ومتأخر late.
والتكرار الفوري المبكر للعامل الوراثي يحدث في الساعات الأربع الأولى بعد حدوث العدوى الفيروسية عند ما تكون البروتينات التنظيمية الرئيسية التي تسمح للفيروس بالسيطرة على آليات الخلية معدة, وتعتبر التطبيقات الناشئة عن حدوث ذلك في الطبيعة مصدر تطبيقات في التقنية الحيوية الحديثة في مجال العلاج بالجينات ودراسة اللقاحات, بعد ذلك يأتي تكرار العوامل الوراثية الناتجة والتي تشمل تكرار الحامض النووي وبعض البروتينات البنائية, وهذه البروتينات هي البروتينات الرئيسية البنائية والتي يشتمل عليها في تجميع وخروج الفيروس المعدي, وفى الأخير تأتى العوامل الوراثية المتأخرة بعد 24 ساعة تقريبا من العدوى, وتجميع هذه العوامل الوراثية يعتمد بدرجة كبيرة على تكرار الحامض النووي للفيروس والذي يمكن تعطيله بمثبطات إنزيم بلمرة الحامض النووي مثل مستحضر جانسيكلوفير ganciclovir, أما الطبقة مزدوجة الدهون والتي تغلف الفيروس من الخارج فتحتوى على البروتينات السكرية المشفرة بالفيروس والتي تكون المستهدفات الرئيسية لاستجابات معادلتها بالأجسام المضادة. وهذه البروتينات السكرية لها اعتبار عند مصممي الطعوم, والطبقة البروتينية الواقعة بين الغلاف الخارجي والمحفظة الداخلية تشتمل على بروتين والذي يكون هدف للاستجابات المناعية لخلية العائل, وفى العينات السريرية فإن وجود خلايا بها أجسام ضمنية هي علامة مميزة لعدوى الفيروس المضخم للخلايا ومنها تستمد تسميته والتي لها مظهر "عيون البومة owl's eyes" ووجود هذه الخلايا يشير إلى وجود عدوى بالرغم من أنها قد تكون غائبة حتى بالأنسجة التي بها عدوى نشطة, وتصيب العدوى خلايا الأنسجة الطلائية epithelial cells بالجسم بشكل أساسي, وفى العدوى الشديدة المنتشرة بالجسم فإن شمول العدوى يمكن ملاحظته بمعظم أعضاء الجسم.
صورة فحص مجهري لعينة من الرئتين تبين الأجسام الضمنية بالخلية المصابة بالفيروس المضخم للخلية و التي تشبه أعين البومة
والقليل معروف عن الآليات الجزيئية المسئولة عن تحطم النسيج الذي يسببه الفيروس المضخم للخلايا وخاصة بالنسبة للعدوى الخلقية congenital CMV infection, وبالرغم من أن الجهاز العصبي المركزي يكون هو العضو الرئيسي كهدف لتحطم الأنسجة في الجنين أثناء نموه يكون عمل مزرعة للسائل النخاعي الشوكي للجنين الذي لديه أعراض صعب جدا, والمناعة ضد الفيروس المضخم للخلايا معقدة وتشمل استجابات خلطيه, ومتواسطة بالخلايا cell-mediated responses, ومنتجات متعددة للعوامل الوراثية للفيروس المضخم للخلايا لها أهمية خاصة في المناعة ضد الفيروس, فالغلاف الخارجي للفيروس والذي يستمد من غشاء نواة خلية العائل يحتوى على بروتينات سكرية متعددة يشفرها الفيروس والبروتينات السكرية من النوع (ب) والنوع (هاء) يبدو أنها هي المحدد الرئيسي للمناعة الخلطية الوقائية, فالأجسام المضادة لهذه البروتينات تكون قادرة على معادلة الفيروس, وهى هدف لأبحاث لقاحات الفيروس المضخم للخلايا, وبالرغم من أن الاستجابات الخلطية لها أهمية في السيطرة على حالات المرض الشديدة إلا أنها تكون غير كافية لمنع العدوى عبر المشيمة, والتي قد تحدث حتى عند سيدات تكون أمصالهم إيجابية للفيروس. وتولد خلايا سامة cytotoxic T-cell ضد الفيروس من الممكن أن تكون أهم استجابة مناعية للعائل للسيطرة على العدوى.
والأبحاث الحديثة لعلم الأحياء الجزيئي للفيروس كشفت عن وجود منتجات عديدة للعوامل الوراثية للفيروس والتي تحور الاستجابات الالتهابية والمناعية للعائل, وعوامل وراثية متعددة للفيروس تتداخل مع معالجة المستضد الطبيعية, وتولد التفاعلات المناعية بواسطة الخلايا, وحتى الآن تم تحديد 3 منتجات لعوامل وراثية للفيروس والتي تثبط توافق الأنسجة الرئيسي من الدرجة الأولى, ومنتجات أخرى للعوامل الوراثية للفيروس تخرب التفاعل الالتهابي الطبيعي وتروج لانتشار الفيروس وت
المصدر = موقع صحة