بعد أن أمطرت السماء، فتش الرفقاء الثلاثة عن مكان يأويهم من ماء السماء، فلجؤوا إلى غار في جبل، فانطبقت على فم غارهم صخرة ضخمة حبستهم عن الخروج.
وفي هذا الموقف العصيب، الذي صار فيه الأصحاب الثلاثة -الذين وردت قصتهم في الحديث النبوي المعروف بحديث "أصحاب الغار" أو "الصخرة"- أقرب للموت منهم إلى الحياة، بحثوا عما في أيديهم من أسباب تساعدهم على الخروج من هذا المأزق، فلم يجدوا إلا أن يتوسل كل واحد إلى ربهم بأرجى عمل صالح لديه.
أما الأول فقال: "اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران وامرأتي، ولي صبية صغار أرعى عليهم، فإذا أرحت عليهم حلبت، فبدأت بوالدي فسقيتهما قبل بَني، وإنه نأى بي ذات يوم الشجرُ فلم آت حتى أمسيت، فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالحِلاب فقمت عند رؤوسهما، أكره أن أوقظهما من نومهما وأكره أن أسقي الصبية قبلهما، والصبية يتضاغون عند قدمي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج لنا منها فرجة نرى منها السماء"، ففرج الله منها فرجة فرأوا منها السماء.
اجتناب الزنا
ودعا الآخر قائلا: "اللهم كانت لي بنت عم كانت أحب الناس إلي، فأردتها عن نفسها فامتنعت مني حتى ألمت بها سنة من السنين، فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها، ففعلت، حتى إذا قدرت عليها قالت: لا أُحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه، فتحرجت من الوقوع عليها فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي وتركت الذهب الذي أعطيتها، اللهم إن كنت فعلت ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه" فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج.
أما الثالث فقال: "اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب، فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين فقال يا عبد الله أد إلي أجري، فقلت له كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال يا عبد الله لا تستهزئ بي، فقلت إني لا أستهزئ بك، فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا، اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه" فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون.
المصدر : صحيح البخاري - صحيح مسلم