يواجه المعاق في العالم العربي كثيرا من التحديات، لكن أحد أكبر هذه الصعاب، هي هل يستطيع إقامة أسرة قادرة على مواجهة الحياة؟ وهو السؤال الذي استطاع الشاب السوري فادي مرقص وزوجته ربا خوري بالإجابة عليه عمليا بكلمة "نعم".
ربا ومرقص شخصان معوقان يعيشان في منزل مساحته لا تتجاوز 30 مترا
وسط مدينة الحسكة بسعادة وهدوء مع ابنهما الذي اعتبراه أملهما في الدنيا وثمرة صبرهما بعد أن اتخذا الأمل عنوانا لحياتهما، وكلَّلا علاقة الحب بينهما بالزواج.
ربا (31 عاما) من مواليد اللاذقية تعاني من بترٍ في اليد اليمنى نتيجة خطأ طبي أثناء عمل جراحي، لكنها خرجت من الجراحة لمجابهة الحياة بيد واحدة، وتابعت دراستها بإصرار، لتعمل بعد التخرج في وظيفة حكومية.
أما فادي الذي يعمل موظفا بشركة الكهرباء فيعاني من عجزٍ في رجله اليمنى منذ ولادته، تأقلم مع وضعه معتبرا أنه حافز لخلق المعجزات التي شعر بها منذ دخوله في رياضة حمل الأثقال لفئة الرياضات الخاصة التي كانت السبب في لقائه بشريكة عمره خلال إحدى البطولات، بحسب وكالة الأنباء السورية.
وعن زواجهما قالت ربا: "لم أستطع مقابلة المجتمع الذي عشت فيه، ولكن الإرادة والتصميم حوَّلاني من إنسانة بيد واحدة إلى امرأة متزوجة تتحمل مسؤولية منزل كأي امرأة أخرى في المجتمع، وقصة زواجي بفادي نتجت عن علاقة حب اكتنفها الكثير من المعاناة والآلام، ولكن بالتصميم والمحبة قضينا على كل هذه الخلافات، وكلل زواجنا بالطفل"، معتبرة أن الإعاقة ليست في الجسد إنما بالفكر؛ حيث إنها لم تشعر في يوم من الأيام بأنها معوقة جسديا.
وعن تدبير أمورهما اليومية أضافت ربا: "إننا قادران أن نتلاءم مع حياتنا اليومية، فأنا مثل أي امرأة أقوم بأعمال المنزل، ولو لم أكن واثقة من نفسي وقدرتي على تكوين أسرة وبيت وتحمل المسؤولية الزوجية لبقيت على وضعي القديم واستسلمت للأمر الواقع".
وعبَّر فادي عن سعادته الكبيرة مع ربا ووجود ابنهما مرقص الذي عزز الأمل في نفسه ونفس زوجه، موضحا أنه يؤدي واجباته الأسرية كأي أب لديه عائلة وأطفال، وبالنسبة للعلاقات الاجتماعية فإنها لا تخلو في بعض الأحيان من لحظات الحزن لعدم تقبل المجتمع لهما.
وتحلم ربا وفادي بأن يمتلكا بيتا أكبر من بيتهما الحالي، مشيرين إلى أن أهل الخير في المجتمع ساعداهما على تامين منزلهما الحالي بإيجار رمزي، ولديهما الآن شغف كبير وحلم بأن تتاح لهما الفرصة مستقبلا ليثبتا للجميع بأنهما موجودان، وأن الإعاقة لا تقف بطريق أي إنسان.
ويقول صديق العائلة طوني كرش المتواجد بشكل دائم إلى جانب ربا وفادي إنه جنَّد نفسه لخدمتهما؛ كونهما يعيشان حياة تختلف عن الكل، ويشكلان أنموذجا جميلا للتحدي والعزيمة.