أحيانا عندما تتقاذفنا أمواج بحار أحزاننا لا نجد مفر منها سوى مواجهة تلك الموجة العاتية القادمة من تلك الجهة المظلمة من قلوبنا الطرية الضعيفة...بكينا ولكن هل يا ترى يرجع البكاء شيئا؟... كنا ننعب حظنا وأظن اليوم قد نتمنى أن يكون لنا نصيب من ذلك الحظ الرديء... تزاحمت قلوبنا لنقف أمام ذلك الباب بعيون زائغة وقلوب ملؤها الخوف والرعب...بعدما سدت جميع أبواب أحبابنا وذوينا...بل بعدما تبرأ منا من نحن تحت ولاتهم وتحت ذمتهم... انسدت أبواب شتاءنا بعدما خيمت الثلوج على عتبات كوخنا الصغير في الجهة الغربية من قريتا المهجورة وبعدما عششت الحمام الزاجن على مدخنة قد تملكتها مشعوذة بعصا من قش أصفر اللون وباتت تحرسها ليل نهار...
داخل ذلك الكوخ الصيفي سكنت عناكب سوداء اللون كسواد ليلة تخلى عنها القمر ووعدها بالهجران والقطيعة...بل وهمس لها بأنه لن يعود يوما...فسكبت عليه دموع حارة زادت من وطأه حدة تلك الليلة الملعونة...
كوخنا الصغير مسكون من قبل أشباح تغزوه ليلا...لعل صاحب هذا الكوخ قد تشاطر سكناه مع هذه الأشباح...فصباحا لنا وبالليل هو ملكهم...تسللت أصواتهم المرعبة من شبابيك غرفنا الصغيرة فملأت قلوبنا رهبة...بل اخترقت صرخاتهم ثقوب جدران كوخنا القديم لتتسلل إلى مسامعنا وتصيبها برعشة يموت بعدها كل عرق حي ينبض فينا...إنها ليس كأي أشباح....
إنها أشباح الموت صديقي القارئ...الموت لم يفتأ أن يقضي ويسلبنا كل يوم أحد أحبائنا وذوينا...وكأنهم يقدمون كقربان لآلهة خيالية نسجتها عقولنا البدائية المتحجرة...
فالرحمة يا من إليك مرجع كل من على هذه الفانية