" وصية امامة بنت الحارث لابنتها عند الزفاف "
" أي بنية، إن الوصية لو تركت لفضل أدب تركت لذلك منك، ولكنها تذكرة للغافل، ومعونة للعاقل ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها، كنت أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خلقن، ولهن خلق الرجال، أي بنية، انك فارقت الجو الذي منه خرجت، وخلفت العش الذي فيه درجت إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك رقيبا ومليكا، فكوني له أمة يكن لك عبدا وشيكا، يا بنية، احملي عني عشر خصال تكن لك ذخرا وذكرا, الصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة، والتعهد لموقع عينيه، والتفقد لموضع انفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح، والكحل أحسن الحسن، والماء أطيب الطيب المفقود، والتعهد لوقت طعامه، والهدوء عند منامه، فان حرارة الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة، والاحتفاظ ببيته وماله، والارعاء على نفسه وحشمه وعياله، فان الاحتفاظ بالمال حسن التدبير، والارعاء على الحشم والعيال جميل التقدير، ولا تفشي له سرا، ولا تعصي له أمرا فانك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وان عصيت أمره أوغرت صدره، ثم ألقي مع ذلك الفرح إن كان ترحا، والاكتئاب عنده إن كان فرحا، فان الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التكدير، وكوني أشد ما تكونين له إعظاما، يكن أشد ما يكون لك إكراما، وأشد ما تكونين له موافقة، يكن أطول ما تكونين له مرافقة، واعلمي انك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك، فيما أحببت وكرهت، والله متخير لك …"